وصل عدد سكان مدينة قلعة البحرين الرئيسية إلى سبعة آلاف نسمة في أوج حضارة دلمون التي استمرت من حوالي (2250-1800) قبل الميلاد. وقد تمّ اكتشاف نحو 150 ألف مدْفن بنيت في الجزيرة خلال فترة 500 عام، ودلّت اللُّقى الأثرية من أختام حجرية وفخارات ومقتنيات، على وجود روابط قوية بين دلمون والقطيف والظهران في المملكة العربية السعودية الحالية، وفيلكة في الكويت، وأم النار في دولة الإمارات العربية المتحدة .
وأشار السومريون إلى جزيرة البحرين باسم دلمون في نصّ يعود إلى العام 2300 بل الميلاد :" كانت سفن ميلوحة وواكان ودلمون مصطفـّة في رصيف ميناء أكاي" مما يؤكد أن الروابط التجارية قد تأسست في ذلك الوقت ما بين مناطق الخليج العربي. كما عُرفت البحرين باسم "تايلوس" عند جغرافيي الإغريق الرومان، كما زارتها بعض قطع أسطول الاسكندر الأكبر في العام 24 قبل الميلاد. وقد أشار المؤرخ " بليني" في حوالي العام 100 الميلادي إلى تايلوس " البحرين" المشهودة بلآلئها وأحجارها الكريمة، كما أن خريطة " بطليموس" التي رسمت حوالي العام 200 الميلادي أظهرت تايلوس في موقع البحرين الحالي.
ويسجل القرن الثالث قبل الميلاد دخول القبائل العربية إلى البحرين، حيث تعزز وجودها وازداد عددها منذ ذلك التاريخ. وعُرفت البحرين آنذاك باسم " أوال" نسبة إلى "صنم أوال" الذي كانت تعبده قبائل "وائل بن ربيعية" والتي حكمت البحرين خلال تلك الفترة. ويحدد عام 630 ميلادية دخول البحرين في الإسلام، وظلت تابعة للدولة الإسلامية بعد الخلفاء الراشدين طيلة العهدين الأموي والعباسي. وشهدت فترة اضطرابات حوالي بداية القرن الثاني الميلادي أدت في العام 1058م إلى إعلان " أبو البهول" أميراً عليها وما تبع ذلك من اضطراب .
ونظراً لموقع البحرين الاستراتيجي المُميز، سعى البرتغاليون للسيطرة عليها واحتلوها في العام 1521م واستمرّ حكمهم حتى العام 1622م عندما تمكنت قو مشتركة من البحرينيين بمساعدة الفرس تحت قيادة " شاه عباس " الأكبر من طردهم. وأدى هذا التطور إلى فترة من النفوذ الفارسي حيث سار الفرس على نهج البرتغاليين في فرض الضرائب. وكان لعدم الاستقرار الداخلي أثره في إرخاء قبضتهم عليها فعادت المشيخات المستلة للظهور، إلا أنه أُتيح للفرس تشديد قبضتهم ثانية في العام 1721م بعد خلْع حاكمها العربي. واستغل سلطان عُمان في ذلك الوقت الأوضاع غير المستقرة لمهاجمة البحرين واحتلالها وضمّها إلى عُمان في العام 1738م، غير أن الفرس استولوا عليها في العام التالي، وعينّوا حاكماً عربياً بعد أن أدركوا أن حكم البحرين لن يستتب إلا بتوليه حاكماً عربياً عليها، وظلوا يحكمونها تحت ولاء أسمي. ولم تتخلص البحرين من هذه التبعية إلا في العام 1783م حيث استخلصت قبائل "العتوب" العربية من " آل خليفة " السيادة على البحرين نهائياً. ففي ذلك العام غزا الفرس منطقة الزيارة التي كان يحكمها الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، ومن ثّم هاجم قوات الاحتلال في جزيرة البحرين الرئيسية ونجح في طردها وتأمين السيادة الوطنية. ود كان فتح البحرين على يد الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة الذي لُقّب بـ "الفاتح" بداية عهد جديد من الاستقرار والازدهار في كافة المجالات .
وقد تعاقب أمراء آل خليفة الكرام على حكم البحرين منذ العام 1783م وحتى الوقت الحاضر. وعقب وفاة الشيخ أحمد الفاتح في العام 1796م خلّفه الشيخ سلمان بن أحمد آل خليفة الذي مكث في الزبارة لفترة ثّم عاد إلى البحرين حيث وقّع في العام 1820م إلى جانب شقيقه الشيخ عبدالله، الاتفاقية العامة مع شركة الهند الشرقية.
وخلّف الشيخ سلمان الذي توفي في العام 1825 غبنه الشيخ خليفة الذي تقاسم السلطة مع عمه الشيخ عبدالله، ثم تعاقب على الحكم الشيخ محمد بن خليفة بن سلمان، ثم شقيقه الشيخ علي بن خلفة بن سلمان، وإبن عمهم الشيخ محمد بن عبدالله، ثم الشيخ عيسى بن علي آل خليفة الذي حكم البحرين اكثر من ستين عاماً من العام 1869 إلى العام 1932م، وخلّفه من بعده ابنه الملك حمد بن عيسى بن علي آل خليفة.
وقد شهدت البحرين خلال عهد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة إنشاء البلديات وسلطات تطبيق القانون والجمارك والتعليم والقضاء وغيرها.. كما شهدت فترة ابنه الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة (192-1942م) تدفق النفط في البحرين، التي تعتبر أول منطقة في الجزيرة العربية يُكتشف فيها النفط، ودخول البلاد عصراً جديداً من التنمية، وظهرت الخدمات العامة كالصحة والكهرباء والماء إلى جانب التعليم، كما تمّ إنشاء جسر الشيخ حمد ليربط مدينة المحرق بمدينة المنامة. وخلّفه الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة (1942-1961م) الذي سارت البحرين في عهده خطوات سريعة نحو التقدم، حيث تأسست دوائر حكومية جديدة، وتشكّلت مجالس إدارية للمصارف والصحة والشئون العامة. وفي 16 ديسمبر 1961م ارتقى الحكم ابنه صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رائد نهضة البحرين الحديثة، والذي تحقق على يديه العديد من الإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعمرانية، واستكملت البلاد استقلالها في العام 1971م
م ن